فن وأدب

بيرم التونسى العاشق المتمرد وقصة أغنية القلب يعشق كل جميل

 بيرم التونسى هو شاعر تونسى وُلد، وترعرع فى مصر، والإسم الحقيقيى هو محمود محمد مصطفى بيرم الحريرى، وُلد بيرم فى حى السياله بالأسكندرية، لعائلة تونسية كانت تعيش بالأسكندرية، ربط الفن بينه وبين سيد درويش، وجمعتهما السهرات الفنيه التى كانت تقام بالأسكندرية فى ذالك الوقت، وتعاونا فنيا فكتب بيرم عدة أغانى لسيد درويش وأيضا كتب له رواية شهر زاد.

بيرم التونسى ، حقيقة إلحاد بيرم التونسى ، أشعار بيرم التونسى ، قصة أغنة القلب يعشق كل جميل

إكتشاف موهبة بيرم التونسى الأدبية 

نشأ بيرم التونسى نشأة دينيه حيث كان يرسله والده إلى الكُتاب، وكان والد بيرم حريص على تعليمه، ولكن بيرم رفض الإستمرار بالتعليم لأنه كما كان يطلق على نفسه تلميذ بليد، فقد كانت لديه عقدة من الحساب بسبب عدم قدرته على التفريق بين السبعة والثمانية فى الكتابة فكان دائما يخلط بينهم، فترك التعليم، وعمل بائعا فى محل الحرير مع أعمامه، وعُرف عن بيرم حبه للقصص، والحكايات منذ الصغر، فقد كان حريص على شراء القصص والكتب فى سن مبكر، وأكتشف بيرم موهبته الأدبية بالصدفة، وذلك عندما حجز المجلس البلدى على منزله، فألف قصيدة يسخر فيها من المجلس البلدى الذى كان معظم موظفيه من الأجانب، وكان المصريين يعانون من تسلطهم، فإنتشرت القصيدة إنتشار سريع بين الناس، لدرجة أن الموظفين الأجانب طلبوا ترجمة القصيدة للغتهم حتى يفهموا ما جاء فيها، وكانت القصيدة تقول : 
يا بائع الفجل بالمليم واحدة
كم للعيال وكم للمجلس البلدى
كأن أمى بل الله تربتها أوصت
فقالت أخوك المجلس البلدى
أخشى الزواج فإن يوم الزفاف أتى
يبغى عروسى صديقى المجلس البلدى
أو ربما وهب الرحمن لى ولدا
فى بطنها يدعيه المجلس البلدى
وكانت هذه القصيدة هى بداية إنفجار الموهبة الأدبية لبيرم التونسى، ونُشرت القصيدة فى الصحف، وتنبه بيرم إلى موهبته الأدبية.

حقيقة إلحاد بيرم التونسى 

لم يكن بيرم التونسى ملحدا أبدا فقد نشأ نشأة دينية، وكانت الكتب الصوفية هى أول كتب قرأها بيرم التونسى فى سن السابعة عشر،  مثل كتب محيى الدين بن عربى، والإمام الغزالى، والمقريزى، وكانت هذه الكتب تأتى فى المرتبة التالية بعد القصص الشعبية عند بيرم التونسى.
ومر بيرم التونسى فى حياته بعثرات كثيرة وصعوبات، وكان السبب فى ذلك معارضته للملك فؤاد، وسخريته من الفساد الموجود فى القصر، وبين أفراد العائلة المالكة، وقد تم نفيه من مصر فترة طويلة عانى فيها من صعوبات الغربة، ثم رجع إلى مصر، واستأنف مسيرته الأدبية، وألف الكثير من القصائد التى إنتشرت ونالت الإعجاب.
كان بيرم من أشد المدافعين عن الإسلام ضد المتطرفين، الذين أطلق عليهم بيرم لفظ سفلة الأديان، ودافع عن الرسول صلى الله عليه وسلم ضد أى محاولة للإساءة للرسول صلى الله عليه، وسلم ولعل من أبرز مواقف بيرم فى هذا الشأن عدما قام شاب مسيحى يٌدعى قلدس جرجس بالإساءة للرسول صلى الله عليه وسلم، قام بيرم بالرد عليه ببعض أبيات الزجل التى سرعان ما إتشرت وكانت تقول ” من عهد ما القرآن هبط … نزل عمرو هنا وربط … بينا وبينكم يا قبط … عهود وداد متسجلة … قرآن محمد قال لنا … عيسى المسيح روح ربنا …والست مريم ستنا … تنزل فى أكبر منزلة … وكان محمد لك نسيب … يا قبطى دون أهل الصليب … أما المقوقس له حبيب محبته متأصله … أبويا ناسب بسخروس … وإسم خالى جرجيوس … وجد أمى فلتاؤوس … وأنا إسمى طه أبو العلا … قلدس يا جرجس يا غبى … كل القبط كهل وصبى … يقولوا من سب النبى ينزل لسانه بالبلا “.

كان هناك تقليد بين الشعراء القدامى، وهو محاكاة النص القرآنى فى أشعارهم، فمنهم من يستعين ببعض الأيات القرآنية فى القصيدة، ومنهم من ينظم أبيات شعرية على نفس وزن بعض الأيات من القرآن،  مثل الشاعر أبو تمام عندما نظم بعض الأبيات لحاكم خرسان عبد الله بن طاهر فقال :
أيها العزيز قد مسنا الضر
وأهلنا أشتات
ولنا فى الرحال شيخا كبير
ولدينا بضاعة مزجاة
وحاول بيم أن يقلد هؤلاء الشعراء، ويحاكى النص القرآنى، ولكن كان ذلك بجرأة زائدة حيث كان من المعروف عن بيرم الجرأة والتمرد، فنظم عدة أشعار على وزن سور كاملة من القرآن التى أسماها قرآن بيرم، وكان ذلك محاولة غير موفقة من بيرم لتقليد الشعراء القدامى، وليس لتحدى رب العزة سبحانه وتعالى علو كبيرا، وسرعان ما شعر بيرم بالندم وتبرأ من هذه الأشعار، وبينما هو وسط موجه من التكفير، وإتهامه بالإلحاد، وبعد أن تبرأ من السور التى ألفها، شعر بيرم كما وصف، بأن الله يدعوه لزيارة بيته المحرم، فسافر بيرم لأداء مناسك العمرة، وبينما هو فى الحرم يشعر بلذة الحب الإلهى، ويصف هذا الحب فى أعظم قصائده والتى غنتها السيدة أم كلثوم بعد وفاة بيرم بعشر سنوات وتقول القصيدة :
القلب يعشق كل جميل
وياما شفتى جمال ياعين
واللى صدق فى الحب قليل
وان دام يدوم يوم ولا يومين
واللى هويته اليوم 
دايم وصاله دوم
لا يعاتب اللى يتوب
ولا فى طبعه اللوم
واحد مفيش غيره
ملا الوجود نوره
دعانى لبيته
لحد باب بيته
واما تجلى لى 
بالدمع ناجيته
كنت أبتعد عنه
وكان ينادينى
ويقول : مسيرك يوم
تخضع لى وتجينى
طاوعنى ياعبدى
طاوعنى أنا وحدى
مالك حبيب غيرى 
قبلى ولا بعدى
أنا اللى أعطيتك
من غير ما تتكلم
وأنا اللى علمتك 
من غير ما تتعلم
واللى هديته إليك
لو تحسبه بإيدك
تشوف جمايلى عليك
من كل شئ أعظم
سلم لنا تسلم.
رحم الله بيرم التونسى المتمرد، الذى حول الله تمرده إلى عشق إلاهى وحب لطاعة الله، سبحانه وتعالى إذا أراد شئ فإنه يقول له كن فيكون، فأراد الله أن يقربه إليه فتاب وأناب إلى الله، ومع ذلك نجد من يرمونه بالإلحاد إلى يومنا هذا وقال تعالى ” فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم من أتقى “.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى